"الكالتشيو" كلمة لها أكثر من معنى: فهي ليست فقط كلمة في اللغة الايطالية تعنى كرة القدم؛ بل أيضا هي كلمة تحمل معاني تاريخية وقومية كبيرة؛ فالايطاليون أو على الأقل بعضهم مازال متمسكا بنظرية أن أصل كرة القدم من إيطاليا وليس من بريطانيا كما هو شائع؛ ويقولون أن " الكالتشيو" جاءت أصلا من" [color=#ff1493]الكالتشو ستوريكا" وهى اللعبة الشعبية التي يعود تاريخها إلى قرون خلت ومازالت تمارس في إيطاليا حتى اليوم؛ لكن هذه اللعبة تلعب بشكل مختلف عن كرة القدم حيث تستخدم فيها الأيدي والأرجل معا ولها قوانينها الخاصة؛ لكن ما هو واضح أن كرة القدم بشكلها الحالي جاءت من بريطانيا وأن للإنكليز الفضل في نشرها إلى كل بقاع العالم بما فيها إيطاليا.
وصلت كرة القدم إلى شبة الجزيرة الايطالية في بداية
القرن التاسع عشر وظلت لوقت طويل حكرا على البحارة وبعض العمال الإنكليز، ومع الوقت تعرف الإيطاليون عليها واخذوا يمارسونها إلى جانب الإنكليزالذين كان لهم الفضل في تأسيس عدد من الأندية الإيطالية العريقة منها
فريق جنوى الذي كان يسمى في البداية بـ
genoa cricket and football club.
والمعروف تاريخيا أن
موسيليني وخلال فترة حكمه في
العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي أرغم الكثير من الأندية الإيطالية على تغيير أسمائها الإنكليزية إلى أسماء إيطالية،
فوجدنا مثلا الإنتر أصبح في وقت ما ambroziana – inter و جنوى وميلان وتورنتو وفرق كثيرة مازالت أسمائها برموز إنكليزية، لكن وبعد انتهاء
الحرب العالمية الثانية تغيرت الأمور وعادت الأسماء تقريبا إلى ما كانت عليه.
كانت بداية بطولة الدوري الإيطالي مع
تأسيس اتحاد الكرة في مارس 1898 برئاسة المهندس ماريو فيكارى وانضمت إلى الاتحاد أربعة أندية هي
جنوى وتورينيزي وانترناسيونالي دى تورينو وجيمناستيك سوسايتي اوف تورينو، أي ثلاثة أندية من مدينة تورينو وناد واحد من جنوى، وأقيمت البطولة في
مدينة تورينو في مايو 1898 وفى يوم واحد فقط، وفاز بها الفريق الزائر جنوى، كانت هناك أندية كثيرة في هذا الوقت، ولكنها فضلت عدم المشاركة بسبب خلافات مع الاتحاد الايطالي واختارت أن تشارك بدلا من ذلك في بطولات إقليمية محلية.
سيطر جنوى بعد ذلك على لقب الدوري لسنوات، ثم بدأنا نشهد مشاركة أندية كميلان واليوفى و الإنتر وأيضا انضمام أندية الجنوب كنابولي وغيرها بعد سنة
1913.
ورغم أن فترة الحرب
العالمية الأولى تسببت في إيقاف بطولة الدوري، إلا أن البطولة استمرت على شكل دوريات محلية في الشمال والجنوب، والمعروف أيضا أنه وحتى سنة
1929 كانت بطولة الدوري تجرى على شكل مجموعتين (شمال و جنوب)، ولكن هذا النظام تم إلغاؤه مع بداية موسم
1989-1930، و بدأ الاتحاد الإيطالي في تطبيق نظام البطولة الأساسي
بـ18 فريقا، وهذا ما أدى إلى بداية الدوري الاحترافي الإيطالي
بدرجته الأولىSerie A وأيضا الأقسام السفلى التي أدخلت عليها الكثير من التعديلات، أما كاس إيطاليا فانطلق
سنة 1922 وسيطرت عليه بشكل عام أندية الشمال المتقدم، فيما أندية الجنوب لم تحقق إلا عددا قليلا من الكؤوس.
ورغم أن أندية جنوى وبروفرتشيلي سيطرت على معظم ألقاب دوري الهواة
(1929-1898) إلا أن الأندية العريقة الكبرى كانت لها الكلمة الأولى في الدوري الاحترافي
منذ 1929-1930 وحتى اليوم وهي بالتأكيد اليوفي وميلان والإنتر.
منذ بداية الدوري الاحترافي في سنة
1929 تألق الكثير من النجوم الإيطاليين والأجانب وتركوا ذكريات طيبة مازالت تحتفظ بها الذاكرة الإيطالية والعالمية أيضا، ولعل الأبرز على الإطلاق النجم الذي مازال الإيطاليون يحتفلون بذكراه
جوسيبى ميازا، هذا المهاجم الفذ الذي لعب لأكبر الأندية الإيطالية بداية من الإنتر معظم المواسم ثم لبعض الوقت مع ميلان واليوفى وأتلانتا قبل أن يتحول إلى تدريب الإنتر.
وخلال الثلاثينيات حقق ميازا كل ما يحلم به أي مهاجم من ألقاب محلية وعالمية، فقد حقق لقب الهداف في الدوري مرتين
(1936 و 1938) وأيضا السكوديتو مرتين مع الإنتر
(عام 1930 وعام 1938) و كان أحد نجوم المنتخب الإيطالي الذي حقق لقبين في كأس العالم مرتين تكرارا، و
برز في هذه الفترة الكثير من الأسماء كحارس اليوفي الشهير كومبى ومهاجمه بوريل وأيضا نجم روما غايتا وبرويتشيلى من بولينا وبوفى الميلاني وآخرون.ولكن النجم الكبير الذي خطف الأضواء من الجميع بعد ميازا كان
فالنتينو ماتزولا الذي سيطر على حقبة الأربعينات مع فريق تورينو، وحقق خمسة ألقاب، منها أربعة متتالية، هذا إضافة إلى لقب الهداف لموسم واحد. كان ماتزولا نجم النجوم في ذلك الوقت، ولولا ظروف الحرب العالمية الثانية التي تسببت في إيقاف بطولة كأس العالم لكان له شأن مع المنتخب الإيطالي، لكن مأساة تورينو وإيطاليا عموما جاءت في سنة
1949 حيث توفى ماتزولا إثر سقوط طائرة كانت تقله مع فريق تورينو.
أما في الخمسينيات فكانت
ظاهرة السويدى ومهاجم ميلان غونارنوردال الذي يحمل الرقم القياسي حتى الآن في عدد مرات الفوز بلقب الهداف و البالغة خمسة [color:cc11=#ff1493:cc11](50-51-53-54-55) وأيضا في جعبته لقب السكوديتو مرتين مع ميلان، ويعتبر نوردال أحد أبرز المهاجمين في تاريخ الدوري الايطالي وميلان على الخصوص، ولم يتوقف تألقه على إيطاليا فقط، بل سطع نجمة عالميا وأولمبيا وكان هداف أولمبياد عام 1948 بسبعة أهداف وقاد منتخب بلاده السويد لتحقيق ذهبية تلك الدورة.